مدونة

تعزيز الذكاء الثقافي

تنمية بشرية

تعزيز الذكاء الثقافي

تعزيز الذكاء الثقافي

ملخصات : أ. زكية الصقعبي

تعزيز الثقافة الشخصية:

يشير مصطلح الذكاء الثقافي إلى قدرة الشخص على التكيف والتواصل بنجاح والعمل بفعالية مع الآخرين من الثقافات المختلفة. تمتلك ثقافتنا العربية قيم وسلوكيات تختلف كثيرا عن الثقافة الغربية والأمريكية على وجه الخصوص. هناك مجموعة مقاييس رئيسية يمكن من خلالها معرفة تفاصيل هذه الاختلافات الثقافية وفهمها.

والثقافة عموماً تقوم على مكونين أساسيين هما:

المكون المادي

والمكون اللامادي

فالمكون المادي هو مجموع ماأنتجه الإنسان من أمور مادية كالعمارة ووسائل الاتصال وأدوات العمل ….. الخ.

والمكون اللامادي هو مجموعة العناصر المتصلة بالأخلاق والسلوك والعادات والتقاليد وتشمل العناصر الاجتماعية كالقيم والعادات والعناصر الفكرية كاللغة والعواطف والعناصر العقائدية كالدين والقيم المتصلة به والمنبثقة عنه ،

 فالثقافة هي الكل الذي يحتوي بداخله على أجزاء تكونه وكل ثقافة من الثقافات تظهر درجة معينة من التماسك الداخلي يجعلها تبدو كما لو كانت بناءً متكاملاً يحوي عناصر ثقافية يربطها معاً نسيج هذا البناء   .

تتأثّر شخصيّة الفرد بالثقافة السائدة في المجتمع، حيث تعتبرُ العلاقة بينهما علاقة تكامليّةً تقوم على أساس التأثّر والتأثير، ولذلك لا يمكن الحسم بأنّ الثقافة نتاجٌ عن الشخصيّة، أم أنّ الشخصيّة نتاجٌ عن الثقافة، بغضّ النظر عن دور كلّ منهما وتأثيره بالآخر، فالثقافة تزوّد الفرد بالموادّ الأساسية التي تمكّنه من صناعة حياته، حيث إنّ الشخصية لا تعتمد في تكوينها على الصفات السيكولوجيّة فقط، بل تعتمد على التفاعل بين الجينات البيولوجيّة والقدرات السيكولوجيّة مع المجتمع الذي يعيشُ فيه الفرد، ولهذا يمكن القول بأن شخصيّة الفرد تتأثّر بثقافته من خلال أربعة جوانب، وهي كما يأتي:

التربية. التعليم. التغيّر الثقافيّ. الصدمة الثقافيّة

تأتي الأبحاث العلمية الرصينة لتؤكد أن المقدرة على التعايش مع الثقافات الأخرى تعد مؤشراً قوياً على بوادر نجاح الفرد في حياته.

وهذا ما يسمى بالذكاء الثقافي Cultural Intellegince أو CQ، وهو نوع من الذكاء يمكن قياسه بسهولة، واكتسابه أحياناً بالمران، غير أنه يختلف عن الذكاء التقليدي IQ والذكاء العاطفي EQ. فالذكاء الثقافي (CQ) نظرية انبثقت من دراسات متراكمة لأستاذة الإدارة في جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة سون آنغ وأستاذ علم النفس التنظيمي كريستوفر إيرلي في كلية لندن للأعمال، حيث يعرفانها بأنها المقدرة على أداء العمل بفعالية في مجموعة متنوعة من الناس من ثقافات متعددة.

ولا غرابة حينما نسمع أن شركات شهيرة مثل «ستاربكس» صارت تلجأ إلى قياس الذكاء الثقافي لبعض موظفيها. فقد تبين أنه بالفعل مؤشر نجاح محتمل لتعايش المرء مع الآخرين المختلفين. وظهر ذلك جلياً في دراسات عدة منها ما أظهره العلماء عام 2011 حينما اكتشفوا أن الجنود السويسريين الذين شاركوا في مهمات ميدانية عبر الأمم المتحدة في بلدان أجنبية كان ذكاؤهم الثقافي أفضل عامل تنبأ بنجاحهم في تلك المهمات الخارجية (بنسبة 25 في المائة) مقارنة بعاملي الذكاء التقليدي (IQ) والذكاء العاطفي.

ولحسن الحظ، فإن الذكاء الثقافي وإن كان مسماه يبدو إنشائياً لكنه في الواقع يقاس بسهولة عبر أسئلة محددة تندرج تحت أربعة عناصر، وهي «محرك الذكاء الثقافي» أي مدى رغبتنا في اكتشاف الآخر، و«استراتيجية الذكاء الثقافي» وهي كيف نواجه صعوبات الحياة ونتعلم منها، و«معرفة الذكاء الثقافي» أي مدى فهم الفروقات الثقافية بين البشر من حولنا. أما المعيار الأخير المهم فهو «تنفيذ الذكاء الثقافي» الذي يمكن من خلاله معرفة مدى مرونتنا السلوكية وقابليتنا للتكيف مع ما يعترضنا من مواقف.

وهذا كله يشير إلى أن الذكاء الثقافي قد أصبح أداة علمية تأخذه كبريات المؤسسات بعين الاعتبار لكونه يحاول أن يُبين لبعض المترددين في الانسجام مع الثقافات والديانات والمذاهب الأخرى، بأنه يمكن العمل معاً وتحقيق نجاح يشار إليه بالبنان. كيف لا وقد بنيت الحضارة الإسلامية والغربية الحالية على سواعد أعراق مختلفة؟

وعادة يقاس الذكاء الثقافي من خلال سلسلة من الأسئلة التي تقيم أربع مكونات مختلفة.:

الأول هو “محرك الذكاء الثقافي”- أي الدافع لمعرفة المزيد عن الثقافات الأخرى.

ثم هناك “معرفة الذكاء الثقافي”، أي فهم بعض الاختلافات الثقافية العامة التي قد تواجهها.

أما “استراتيجية الذكاء الثقافي”، فهي تدرس كيفية تعاملك مع التحديات الصعبة والتعلم منها،

 بينما ينطوي “تنفيذ الذكاء الثقافي” على مرونتك السلوكية، وما إذا كان بإمكانك تكييف سلوكك وفقا لكل موقف.

قد يكون لشخص لديه ذكاء ثقافي منخفض يميل لرؤية سلوك الجميع من خلال عدسته الثقافية. وإذا كان يأتي من بيئة أكثر كياسة ولطفا، على سبيل المثال، ويلاحظ أن زملاءه يلزمون الصمت كثيرا في اجتماع ما، قد يفترض أنهم عدائيون أو ضجرون..

ما هو الذكاء العاطفي

هو القدرة على فرز العواطف الذاتية، وحسن استعمالها. ويعرف كولمان Goleman الذكاء العاطفي بأنه القدرة على التعرف على شعورنا الشخصي وشعور الآخرين، وذلك لتحفيز أنفسنا، ولإدارة عاطفتنا بشكـل سلـيم في علاقتنا مع الآخرين

يشمل الذكاء العاطفي الذكاء الاجتماعي وذكاءات أخرى ويختلف مستوى كل ذكاء من شخص إلى آخر. ويقولون انه يوجد العامل الوراثي للذكاء العاطفي وهو ما يسمونه = le temperament المزاجية لكن، عكس الذكاء العقلاني الذي لا يتزحزح ويلاصق الشخص طوال عمره (قياسه هو le quotient intellectuel = QI)، فهو (الذكاء العاطفي) يمكن أن يتحسن ويتطور بحسب كل شخص وبحسب كل بيئة…

ويبقى أن تتبنى المدارس مفهوم الذكاء العاطفي، وذلك لتطوير قدرات الطالب العاطفية والتي تهمل خلال مراحل التدريس المدرسي، ومن هنا تتجذر مشاكل العنف والسلبية والعناد والشغب والتخريب أو اللامبالاة وقلة الثقة بالنفس وقلة الرادع الضميري او القيمي . لأن الذكاء الذي يعرفه العامة لا يغطي مساحات القدرات العاطفية التي تفسر الحاجات الأساسية للنفس البشرية، ويبقى الاجتهاد الشخصي أو تدخل الأهل هو المفعل الأساسي لتطوير قدرات الذكاء العاطفي

إلا أن الذكاء الثقافي يمكن أن يشير إلى جوانب أكثر موضوعية من الأداء الوظيفي، مثل أداء المبيعات الدولية، ومهارات التفاوض، والقدرة القيادية الشاملة.

العلاقة بين الذكاء الثقافي والذكاء العاطفي

هناك علاقة بين الذكاء الثقافي والذكاء العاطفي، ومع ذلك

  • فدور الذكاء الثقافي يبدأ من حيث ينتهي دور الذكاء العاطفي، إذ يمتلك أي شخص يتمتع بقدر عال من الذكاء العاطفي السمات المشتركة بين البشر والسمات التي تميز الفرد عن الآخرين.
  • الشخص الذي يتمتع بقدر عال من الذكاء الثقافي فيستطيع أن يستخلص من سلوك الفرد أو الجماعة تلك الخصائص التي تشكل قاسماً مشتركاً بين الأفراد والجماعات، وتلك الخصائص غير العامة وغير الخاصة في الوقت نفسه. إن البون الشاسع ما بين هذين القطبين من الذكاء هو الثقافة.
  • ومن العناصر المهمة التي يشترك فيها الذكاء الثقافي والذكاء العاطفي هو – على حد تعبير عالم النفس دانييل جولمان: “الميل الى تعليق إصدار الحكم بما يتيح الوقت للتفكير قبل الإقدام على الفعل “. إن كل شخص حباه الله قدراً كبيراً من الذكاء الثقافي قد تأخذ منه حالة تعليق إصدار الحكم ساعات وربما أياماً، في حين ان الفرد الذي يعاني من تدن في مستوى الذكاء الثقافي قد يستغرق منه ذلك أسابيع وربما شهوراً. وفي أي من هاتين الحالتين يتوقف الأمر على إعمال التفكير لحصر كل وجوه الاختلاف بين انماط الشخصيات المتفاعلة أمام ناظري المرء وبين تلك التي تميز ثقافته الأم, فلا يمكن الشروع في توقع ردات فعل تلك الشخصيات في مرحلة تالية دون أن يبدأ السلوك الملاحظ بالاستقرار في أنماط معينة. وبالتالي سيكون التفسير المستخلص بهذه الآلية خلواً من مخاطر التنميط (التعميم).

Comments (1)

  1. Bssam

    انا افكاري كثير صراحه و كل فكره عندي اعتبرها بنسبه لي زي سيارتي ماهو كل من جاء ساقها فالذالك احب ان اطرح افكاري على شخص واعي و مثقف زكيه الصقعبي اتشرف بطرح بعض من افكاري معه و اشاداتك و ملاحظاتك اتعلم منها الكثير و افتخر ايضاء بها.

اترك أفكارك هنا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *